22 أبريل 2024

بمناسبة اليوم العالمي للكتاب.. مؤلفون لـقنا: التاريخ يلهمنا والتراث يثري أعمالنا

محلية
  • QNA Images
  • QNA Images

الدوحة في 22 أبريل /قنا/ يحتفل العالم غدا الثلاثاء، باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، والذي يوافق الثالث والعشرين من أبريل من كل عام، والذي اختارته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تعبيرا عن تقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين، والاعتراف بعطائهم المتميز ومساهمتهم في النهضة والتنوير والتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية.

وتمثل المناسبة فرصة لاستعادة إنجازات الكتاب وتشجيع القراءة والبحث والنقد، واكتشاف أساليب الكتابة ومناهجها ومضامينها وينابيع إلهامها.

 

وبهذا الصدد، أفاد مؤلفون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا" بأن التاريخ الوطني والعربي والإنساني، يمثل مصدر إلهام لتجاربهم في الكتابة، وأن التراث يثري أعمالهم وخبراتهم الإبداعية. وألقوا الضوء على نماذج من معالجاتهم للتاريخ والتراث في نصوصهم الإبداعية السردية والدرامية، وعلى أساليبهم في المعالجة والتأليف.

وأكدت الكاتبة والأكاديمية الدكتورة نورة محمد فرج في تصريح لـ"قنا" أن الاحتفاء بالكتاب بأنه احتفاء بالمعرفة الإنسانية على مر العصور، لأنه كان وسيلة انتقالها عبر الزمن.

 

وحول استلهامها للتاريخ في أعمالها الإبداعية، أوضحت الروائية والقاصة وأستاذة الأدب والنقد بجامعة قطر، أن الكثير من تفاصيل روايتها (ماء الورد) الصادرة عام 2016، قد تشكلت من استلهام العديد من الكتب التي كتبت في أزمنة سابقة. وأنها استلهمت أحداثا تاريخية حقيقية وجعلتها خلفية تاريخية، فالرواية تقع في شهر رمضان بعد عامين من سرقة القرامطة للحجر الأسود، فالزمن هو زمن اضطراب سياسي وزمن قلاقل. وأشارت إلى أنها استفادت من كتاب (معجم البلدان) لياقوت الحموي، فعلى الرغم من أن مدينة (لظى) وهي المدينة التي تجري فيها أحداث الرواية هي مدينة مستوحاة من الخيال، إلا أن العديد من المدن الأخرى مدن تاريخية حقيقية، ولكنها استلهمت تحديدا ما ذكره ياقوت الحموي عن مدينة نصيبين، وأسقطته على مدينة (لظى) في الرواية، باعتبارها تقع على الطريق بين مكة وبيت المقدس.

كذلك القلعة المبنية على طبقات داخل الجبل، وهي متاهات من يدخلها لا يستطيع الخروج منها، هي في الأصل مستوحاة من قلعة صلاح الدين في مدينة الكرك في المملكة الأردنية الهاشمية، وهي قلعة مبنية على جبل وكان لها دور مهم في الحروب الصليبية.

 

وحول شخصيات الرواية، أكدت الدكتورة نورة محمد فرج، أن شخصية الصيدلاني مستلهمة من شخصية جابر بن حيان ومعرفته بالكيمياء، وكذلك قسورة، الذي تشكلت شخصيته اعتمادا على كتب التشريح العربية التراثية، ونباتات السم المزروعة في حديقة البيت مشابهة لما كانت تفعله عائلة مديتشي في فلورنسا في عصر النهضة، حينما كانت تزرع السم في حدائق قصورها.

ومن جانبه، أفاد الكاتب الدرامي والمخرج المسرحي والتلفزيوني حمد الرميحي في تصريح مماثل لـ/قنا/ بأن تخصيص يوم عالمي للكتاب وحقوق المؤلف، مهم للتذكير بقيمة القراءة والكتابة في عصر التكنولوجيا والوسائط الرقمية.

 

وأكد أن تجربته في الكتابة والتأليف والإخراج في مجال الدراما التي تمتد لأكثر من خمسة وثلاثين عاما، تجسد علاقة ممتدة مع الكتاب الورقي، مشيرا إلى أنه غاص في بحور التاريخ والتراث العربي والخليجي باحثا عن كنوزه الملهمة، حيث استوحى منها كثيرا من مواضيع مسرحياته المنشورة في كتب وتم عرضها على المسرح أو التلفزيون. لافتا إلى أن أسلوبه في معالجة موضوعاته، يجمع بين استلهام موضوعاته من التاريخ والتراث لإلقاء الضوء على تناقضات الحاضر وقضاياه، وأنه يمزج في معالجته بين المفردة الشعرية والأبعاد الدرامية للموضوع. فكانت مسرحيته الأولى "بودرياه" مستوحاة من أسطورة وحكاية تراثية بحرية خليجية، أسس من خلالها معالجته الدرامية لموضوع التسلط والأنانية البشرية وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.

 

وأوضح أن مسرحيته "رأيت الذي سوف يحدث" مستلهمة من قراءاته للشعر العربي، حيث اختار قصائد لعشرة شعراء معاصرين، وبعدها عاد للتاريخ مرة أخرى وإلى سيرة البحار العربي أحمد بن ماجد، ليصوغ منها ملحمة درامية عن صراعه مع الإسبان في تلك الفترة التاريخية. أما مسرحيته "قصة حب طبل وطارة" التي حازت على جائزة أفضل نص عربي في مهرجان الأردن عام 2001، وعدة جوائز في الخليج العربي، فهي مقتبسة من مزيج من حكاية ملك الجان في كتاب ألف ليلة وليلة، وحكاية أخرى من التراث الخليجي.. وبعدها استلهم تاريخ الجزيرة العربية ليكتب مسرحيته "القرن الأسود"، أما مسرحيته "قصة حب منسية" فهي مستوحاة من سيرة الكاتب العربي أبو حيان التوحيدي، قام بإسقاطها على الواقع العربي، حيث تجوب جثته الوطن العربي، باحثة عن قبر كي تدفن فيه.

 

 

ومن جهته، قال الروائي فيصل محمد الأنصاري، الحائز على جائزة كتارا للرواية عام 2021: طالما احتضن الكتاب أفكار الإنسان وإبداعاته، وطالما ضمت دفتيه ما يتعلق به الجنس البشري من دين وعلوم وفنون، فكان من البداهة أن يرد الإنسان هذا الاحتضان احتفاء وتقديرا. مشددا على أن هذا الاحتفاء بالكتاب اليوم يدل على الوعي بأهمية وقيمة هذا الصديق الوفي.

 

وأوضح في تصريح مماثل لـ"قنا" عن دور التاريخ في إثراء المشهد السردي، أن الأيام تشكل حاجزا زمنيا يستر من خلفه عوالم من الأحداث والعبر والشخوص، وحيث يتوق الإنسان دائما إلى اكتشاف ما ستر عنه، فكان التاريخ ذاك الإرث الثمين الذي يتسرب إليه خيال الكاتب بحذر ليقتطف منه ما يوقظ به أحداثه الميتة ويشعل به جذوة حماس القارئ ويبحر في وصف تفاصيله التي واراها غبار الزمن ، فطالما وجد الكتاب فيه ضالتهم من جبروت طاغية ما أو تسجيل لحظة انتصار يعالج بها انكسار لحظة آنية أو تسليط الضوء على نموذج للتناحر بين أمم خلت، كما يتلمس الكثير من الكتاب في التاريخ مسرحا للإسقاطات السياسية والاجتماعية يجلدون فيه واقعهم عن طريق معاتبة ذلك التاريخ دون أن تقوم لصاحب الحق قائمة.

 

أما عن علاقته الخاصة ككاتب بالتاريخ، لفت الأنصاري إلى أنه لا يكاد يقاوم الانجذاب إلى التاريخ في كثير من أعماله، وأضاف: فبمجرد أن أفلح في رسم صورة في مخيلتي لحقبة تاريخية أبدأ مباشرة في التنزه خلال دروبها والانخراط في حوارات مع شخوصها ومراقبة ما يدور من أحداث، والحقيقة أن ذلك كله لا يأتي ضمن الرفاه الأدبي بل هي ضرورة ملحة في ظل تحصن أنظمة اليوم خلف أجهزتها الأمنية وتنزيه أنفسها عن ملامة النقد، وحاجة الكاتب أن يستخدم سحر الأمس وأصالته ليعالج ما استعصى من مشكلات اليوم، كما أن الرواية التاريخية الرصينة تمتلك قدرة الارتحال السلس بقارئها ليعيش تجربة صادقة يصل تأثيرها عميقا في نفسه، ليبذر الكاتب رسالته هنالك فتزهر عندها وتشع قيمها نورا في ضمير القارئ.

 

ولخص الروائي فيصل الأنصاري تجربته في استلهام التاريخ قائلا: لقد تفاوت ارتحال قلمي عبر التاريخ، فتارة أجده في دمشق خلال القرن الثالث عشر ليشهد على انشغال الأيوبيين بمواجهة المماليك أثناء تجمهر المغول للانقضاض على بغداد، وأحيانا يسرح في شمال أفريقيا خلال القرن السادس عشر ليتنزه في مراكش أثناء حكم أحمد المنصور الذهبي، وأراه مؤخرا يغوص عميقا ليستعير كتابا من بيت الحكمة في بغداد أثناء حكم المعتصم، وها هو حديثنا عن الكتاب يقودنا إلى الكتاب مجددا.

يشار إلى أن اليونسكو قد اختارت الثالث والعشرين من أبريل عام 1995 يوما عالميا للكتاب وحقوق المؤلف، وهو يصادف ذكرى رحيل وليم شكسبير وميغل دي سيرفانتس.

 

ويتم في الاحتفال بهذا اليوم تسليط الضوء على قيمة الكتب ورمزيتها ودورها في بناء الجسور بين الماضي والحاضر وفتح الآفاق نحو المستقبل. وتتكاتف دور النشر والمكتبات والمعاهد الثقافية وروابط المؤلفين في مختلف أنحاء العالم للترويج للقراءة وصناعة النشر وحماية الملكية الفكرية.


الكلمات المفتاحية

ثقافة, قطر
X
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. تعرف على المزيد حول كيفية استخدامها ، أو قم بتحرير خيارات ملفات تعريف الارتباط الخاصة بك
موافق